A review by mariama_29
الفسكونت المشطور by Italo Calvino, أماني فوزي حبشي

5.0

-الفسكونت المشطور-
"هكذا الإنسان، يهاجم نفسه بيديه الممسكة كلٍّ منهما بسيف"
الأدب الإيطالي للمرة الثانية، وعودة مع إيتالو كالفينو، كنتُ قد عرفته من قصص قصيرة من ترجمة د. عائشة الكعبي، وأدركت حينها أنه قلم مبتكر وثابت، وقصته "الرجل الذي هتف تيريزا" عالقة في ذهني حتى الآن.
قرأتُ مقدمته لثلاثيته التي تنتمي لها هذه الرواية فرأيتُ سبب إجادة كتاباته. كاتب ذو رؤية ونظرة تحيطها حكمة ما، أيًا ما كان اتفاقي مع هذه النظرة، لكن طريقة عرضها وتناولها تؤكد أن ثمة عقلٌ يفكّر ويبتكر بين هذه الأوراق.
رواية بسيطة بالمعنى البسيط للكلمة. نص يحمل رسالة ما، لا يلقيها أمامك بشكلٍ مباشر، يجسد صراعًا بين شيئين يمثلان واقعًا، يخرج النص عن إرادة المؤلف أحيانًا ويوحي لك برسالة مضادة لما يحملها، وينتهي بعرض الحل الأبعد منطقية عن سير الأحداث بشكلٍ يجعلك تصدق أنه الحل الأمثل والواقعي في حين كانت القصة في بلدتك. بعض الشخصيات مرسومة لتؤدي دورها فقط، ليس لها دور ما ورائي ولا خلفية نفسية توحي بأفعالها وتبررها، أشباح خلقها الكاتب لتؤدي دورًا ما وتختفي وتتقبل أنت هذا دون امتعاض ودون طعن في سطحية النص والكاتب، يقول كالفينو: "ويبدو لي أن كل الشخصيات الأخرى لا معنى لها سوى وظيفتها في الحبكة الروائية، بعضها خرج بصورةٍ جيّدة بالفعل -أي اكتسب حياة حقيقية- بالرغم من ظهوره الخاطف".
يوضح كالفينو أنه لم يقصد من هذا الصراع أن يكون بين خيرٍ وشر، ولكنه أراد الصراع بين الإنسان ونفسه، أراد الانقسام بشكل عام. يرى أن الكمال المنشود غير إنساني، ويضع صاحبه إما مجالًا للشفقة أو السخرية، وأن الإدراك يحصل عند كون الإنسان ذاته ولو مشطورًا "هذه ميزة أن يكون الإنسان مشطورًا: أن يدرك ألم كلَّ إنسان وكلَّ شيءٍ في العالم، الألم الذي يمكن أن يشعر به كلٌّ منهم لعدم كماله".

30-4-2019