A review by shehab_eldin
رحلة ابن فطومة by نجيب محفوظ

4.0


’ وتأملت كيف نزخرف أهواءنا بكلمات التقوى المضيئة، وكيف نداري حياءنا بقبسات الوحي الإلهي ’

’نصف المصائب في البلدان إن لم يكن كلها تجئ من القيود المكبلة للشهوة، فإذا سمعت أن تصير الحياة لهوا ورضى! ’

دار المشرق، دار الحيرة، دار الحكمة، دار الأمان، دار الغروب، والحلم الأكبر دار الجبل

إنها رحلة طويلة شاقة تقطع الأنفاس وترهق الأذهان وتجلد العقول وتتعب الأبدان ويشيب لها العمر ويشيخ لها الشاب ويصبح كهلاً، حتى وأنت تقرأ تجهد عقلك حد الإنهاك وتأخذك في نوبات من التفكير الحاد والإفراط في التأمل. كنت أعتقد دائماً أن التفكير مثل المورفين، قليله يسحر البدن، كثيره يصبح إدماناً قاتلاً.

دار المشرق تلك دار البسطاء، دار البادية والصحراء، هي بداية الخلق ربما حيث خلق أدم ونسله على الارض، حينما كانت لا تضيق الأرض بأهلها أبداً.
ودار الحيرة التي وضعت الملك آله لكل شئ، فما بالك بعصر فرعون، إنه الملك والاله الأوحد لهم - معاذ الله -
ودار الحكمة - وهي افضلهم - تملك الحرية في كل شئ حد الفوضى، والإفراط في الحرية هلاك وفناء
فكان يقول إحسان عبد القدوس في كتابه أنا حرة

“ليس هناك شىء يسمى الحرية
وأكثرنا حرية هو عبد للمبادىء التى يؤمن بهاوللغرض الذى يسعى إليه إننا نطالب بالحرية لنضعها فى خدمة أغراضنا ........وقبل أن تطالب بحريتك إسئل نفسك لأى غرض سوف تهبها”

ودار الأمان أي دار القانون والأمن ولا يحيد عنه أحد
ودار الغروب، أقتربت الأرض من نهايتها وأوشكت الرحلة على الانتهاء حيث مدرسة الجبل فما بالكم كيف تكون؟
أما دار الجبل فلا يعلم عنها أحد إلا الله وهي الحلم البعيد لكل رحالة

“حياة بشرية غريبة يمكن تلخيصها فى كلمتين ,دماء و زغاريد”

تلك الرحلة التي اخذت عمر ابن فطومة كله التي هاجر بلده - دار الإسلام- وهو في سن العشرين من العمر هروبا من الطغيان وبحثا عن الكمال والعدالة بعدما فشل في أن يتزوج حبيبته الأولى ورحل إلى أقصى بقاع الارض ليمر بدارات عديدة الديانات وبعادات مخلتفة سعياً خلف الكمال وبحثاً عما فقده بأرضه دار السلام


“انظر يا قنديل وطنك دار الاسلام .. ماذا تجد به ؟؟

حاكم مستبد يحكم بهواه فأين الأساس الأخلاقي
؟؟
ورجال دين يطوعون الدين لخدمته فأين الأساس الأخلاقي ؟؟
وشعب لا يفكر إلا في لقمته فأين الأساس الأخلاقي ؟؟”


رواية هي في الأساس فلسفية نوعاً ما تبحث عن الحقيقة وما سيؤكده لك نجيب محفوظ في هذا الأمر
أن الكمال لمن خلق الكمال وأن الكمال أمر مستحيل
وأن دار الإسلام التي يحكمها دين الله بالفعل يجب أن تكون الأفضل لكن هيهات هيهات فهي أدنى من كل الدارات الأخرى فالإسلام فيها ماهو إلا أسم ووسيلة للشهوات ومكاسب الدنيا فالإسلام فيها لا يصح أن يكون هو الإسلام.

“نحن الحائرون بين الواقع القبيح والحلم الذي لا يتحقق”

لكن ماذا لو تم وضع الإسلام كما خلقه الله لنا؟ دين الحق، ودين البشرية ورحمة للعالمين؟ الدين بريء مننا حتى حين.
فالإسلام هو من يضع بداخلك القيم والمبادئ الصحيحة التائهة في دار المشرق
وأيضا يضع حد للحرية حتى لا تتحول لفوضى وتصبح ظالمة كما حدث في دار الحكمة رغم الحضارة
ويمنعك من الوثنية والشرك بالله فلا يمكنك أن تعبد الملك ويكون هو صاحب الحكم الأوحد كما فعلوا في دار الحيرة
ويأمرك الله أن تعمل وتتقن عملك وأيضا لك من الرفاهية ما لا يحول بينك وبينه فلا يمكن أن تعيش كالأنعام كما فعلوا في دار الأمان عمل بلا إنقطاع حتى أصبحوا أعظم دار على الأرض وتساوي الجميع
ولكن كالحجارة هم بل أشد قسوة

في الختام..
ولمن الملك اليوم؟
لمن الكمال وحده؟
من هو الخالق الحق؟ ومن لا يشرك في حكمه أحداً؟
فهو الله الواحد القهار


إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ الرُّجْعَىٰ