A review by nourhan09
شيطنات الطفلة الخبيثة by ماريو بارغاس يوسا, Mario Vargas Llosa, صالح علماني

3.0

"ليس حباً أقسم لك. لست أدري ماهو, لكنه لا يمكن أن يكون حباً.
إنه أقرب الى المرض, إلى الأدمان ."

.

هذه الرواية تتكلم بأمتياز عن الهوس المطلق لطفل/مراهق/رجل ناضج/رجل عجوز، أحب أنسانة دون شروط مسبقة, وكانت هي كل مايرغب به ويتمناه في حياته, وعلى الرغم من كل الأفعال الشيطانية التي فعلتها,,
الا أنها كانت بنظرة ملاك ... ملاك شيطاني لو قلنا الصراحة.
تبدأ قصتنا مع الطفل الطيب ريكارديتو, عندما وقع في غرام الطفلة التشيلية وعلى الرغم من الحب الواضح تجاهها , والأعترافات الرسمية لها .. الا أنها كانت ترفض رفضاً قاطعاً ان يكون لها اي علاقة حب رسمية ..
وبعد ان يتم الكشف عن أصل الطفلة ليلي التشيلية أمام الجميع , وأختفائها بالكامل من حياته, الا أن هذه الإشارة السماوية لم تجعل الطفل الطيب خائفاً منها ويحاول أن ينسى حبه لها.
مرت الأعوام والسنين ومازال الهوس بالطفلة التشيلية يكبر يوماً بعد يوم ,, وشاء القدر أن يلتقيا مجدداً ولكن الطفلة التشيلية أصبح اسمها الآن الفيدائية آرليت, ومع هذا كان متيماً بها حد الجنون .. وكان مستعداً أن يضحي بكل شيء فقط ليفوز بها .. ولكن ماهو رأي الطفلة الخبيثة بكل هذا ..!
تدور قصة حبهم المجنونة طوال الرواية بين مد وجزر, ومع مرور الزمن واختلاف الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تدور حولهم ومابين السفر عبر بلدان مختلفة لأسباب عديدة والحروب والأوضاع السياسية التي تمر بدولة البيرو والتي تكون مسقط رأس كل من الطفل الطيب والطفلة الخبيثة ينقلنا المجنون "بارغوس يوسا" في مزيج من الحب والكره والشفقة والتعاطف طوال مدة الرواية .. وحتى بعد أن نصل إلى النهاية ... مازلت مشاعرنا مبعثرة للغاية إتجاه كل ماحصل من أحداث مع شخصيات الرواية.
.
.
نبذة الرواية واقعية للغاية .. حتماً قصة الحب التي كتبت هنا ليس عادية أو طبيعية .. هي علاقة حب سادية / مازوشية .. والمشكلة هنا ان السادية تستلذ فقط في تعذيب الطفل الطيب ,, وعندما تكون مع علاقاتها الأخرى ,, تحب ان تكون هي الطرف الضعيف الذليل .. وهذا مايضيف تعقيداً جديداً وصعباً في شخصية الطفلة الخبيثة .
ولكن على الرغم من كل عيوبها, وجنونها, وعدم وفائها تجاهه ,, إلا أنه أستمر بحبها حباً عظيماً خارقاً , وكان يسامحها على كل ماتفعله به , ويتناسى ماحصل له في المرة السابقة, ويتجاهل نزيف قلبه المستمر , وأحلامه المحطمة, وبؤس ايامه بدونها ..
هو لم يفقد الأمل في أنقاذها ومنحها حياة طبيعية وعيش ماتبقى من حياتهم مع بعضهم البعض.
ولكن القدر لم يكن منصفاً ابداً ,, على الرغم من مدى جنون علاقة حبه معها ,, الا انه كان يفقد ايضاً وبأستمرار كل شخص يقترب منه ويكون صديقاً مقرباً إليه ,
كأن العالم كله حكم على ريكاردو أن يعيش حياة وحيدة خالية من الحب والصداقة والسلام الداخلي ..
ليؤكد لنا العالم أن طيبة القلب لن تفيدك سوى في تدميرك.

طوال فترة قرائتي للرواية كانت مشاعري في مزيج متناقض ,, على الرغم من كل مافعلته لم أتمكن من كره الطفلة الخبيثة . لا اعلم لماذا, وخصوصا عندما تم الكشف عن قصتها الحقيقة, شعرت بالحزن عليها , لقد كانت تهرب بأستمرار من حياتها السابقة من خيوط الماضي التي تقيدها بأستمرار
وحتى بعد ان هربت منهم, الا أنها لم تتمكن من العيش بسلام, كانت دائماً تبحث عن شيء لاوجود له .. كانت تدعي بحثها عن المال والشهرة والمكانة الأجتماعية ولكن كل ماتقدمت في حياتها كانت ترغب في شيء جديد بعيداً عن منالها , كانت معتادة على الحقد والأستغلال والطمع لهذا كانت تتأقلم بسرعة مع هذا المحيط ..
ولكن الحب المطلق دون مقابل , الخضوع التام لجنونها وتمردها دون عواقب هذا ماكان يثير جنونها، كانت تهرب منه وتعود إليه مرة أخرى , لأنه وحده من كان يعرفها ويعرف خفايا روحها،
وعلى الرغم من كل شيء مرت به، هي في حقيقة نفسها تعلم تماماً أنها لم تجد السعادة أو الحب أو الأمان سوى برفقة الطفل الطيب.

تأخذك هذه الرواية في رحلة مجنونة، لا عقلانية فيها، والآن أنا لا اعلم ماذا امنحها .. مابين 4 نجوم و 3 .. كانت حيرتي ..
ولكن أعتقد أن 3,5 هو مايناسبها. وطبعاً لا اعلم شعوري عنهاً ,, هل أحببتها أو كرهتها لااعلم حقاً . هذا مافعلته بي "شيطنات الطفلة الخبيثة" تركتني في حيرة تامة لا هروب منها.
.


"كنت المتسبب أكثر منها في تعاستي العاطفية, لأنني أحببتها بطريقة لايمكن لها أن تحبني بمثلها أبداً,
بالرغم من أنها حاولت ذلك في بعض المناسبات القليلة."