A review by mahmoud_radi
سيدات القمر by Jokha Alharthi

2.0

إنها بجدارة رواية الفرص المهدرة..

توفرت لهذه الرواية مادة خام كانت من الممكن أن تجعلها رواية أفضل مما جاء في محصلتها النهائية: بيئة بكر غير مطروقة كثيرًا في اﻷدب العربي أو حتى العالمي، شخصيات واعدة تحمل في جوفها حكايات مبشرة وفاتنة تستحق السرد، موروث تراثي ضخم تستند إليه بيئة الرواية في سرديتها.

كل هذا جميل وواعد، لكن في ظني أن جوخة الحارثي لجئت إلى أساليب غير موفقة سرديًا خصمت كثيرًا من مقدار تفاعلنا مع الرواية، وعلى رأسها طريقتها في استخدام تقنية اﻷصوات المتعددة، بالتأكيد لا غبار على الطريقة ذاتها، فقد استخدمتها مئات الروايات من قبل بفعالية كبرى، لكن جوخة استخدمت التقنية على نحو يثير الخلط والالتباس طوال عملية القراءة، لدرجة أنه في بعض الفصول لم أكن أعلم هوية المتحدث أو ما صلته بالقصة أصلًا من كثرة التنقل الفجائي بين الرواة، وكنت اضطر في بعض اللحظات لمعاودة ما قرأته ثانية لكي أعي ما فاتني دون فائدة، مما ضيع واستنزف جهد كبير في متابعة القراءة.

كما أن كثرة التنقلات بين الرواة تلك ضيعت على الرواية الكثير من عمليات التطوير التي احتاجها السرد حاجة ماسة، فتجد الرواية تبدأ مع شخصية، ثم تنساها لتنغمس مع شخصية، ثم تتذكرها فجأة دون مقدمات، ثم تفتح قوسًا هنا، وقوسًا هناك دون الفطنة إلى طرق ﻹغلاقها كما يليق بالحكاية.

وحتى لو سلمنا أن تشرذم الحكاية جاء مقصودًا من قبل الكاتبة حتى يتسنى للقاريء جمعها بالكيفية التي تلائمه، فهذا التشرذم لم يؤد في النهاية إلى نتيجة ملموسة أو أرضية واحدة تجتمع عليها كل هذه الحكايات الصغيرة التي امتلئت بها الرواية، والتي أقر بأن عدد غير قليل منها كان مكتوبًا بشكل فاتن فعلًا، لكنها تضيع وسط كل هذا.

كما أن جوخة تفرد مساحات هائلة داخل الحكايات لتسرد عادات وتقاليد العمانيين وأمثالهم على حساب السرد نفسه، نعم اتفهم أنها تريد التوجه للقاريء غير المحلي الذي لا يعرف عن حياة العمانيين أي شيء، لكن هذا الاستعراض قد نحى بالرواية منحى استشراقي يعمل على استعراض ما يرغب القاريء الغربي في معرفته، ناهيك عن طريقة رص اﻷمثال العمانية داخل الحكايات بمناسبة وبدون مناسبة.